صفحة رقم ٥٢
أي الذي توقد به ) الناس والحجارة ) أي ألين الأشياء وأصلبها، فما بين ذلك هو لها وقود بطريق الأولى.
ولما وصفها بغاية الأدب في الائتمار أتبه وصف القُوَام فقال معبراً بأداة لاستعلاء دلالة على تمكنهم من التصرف فيها :( عليها ملائكة ) أي يكون أمرها على سبيل الاستعلاء فلا تعصيهم شيئاً لتأديب الله لها ) غلاظ ) أي في الأبدان والقلوب فظاظة على أهلا لاستحقاقهم لذلك بعصيانهم الملك الأعلى.
ولما كان الغلظ قد يكون مع الرخاوة قال :( شداد ) أي في كل شيء يحاولونه بالقول والفعل حتى روي أن الواحد منهم يلقي بالدفعة الواحدة في النار من الكفار سبعين ألفاً.
ولما كان المعنى أنهم يوقعون غلظتهم وشدتهم بأهل المعاصي على مقادير استحاقهم.
يبن ذلك بما يخلع القلوب لكونه بأمر الله تعالى فقال :( لا يعصون الله ) أي الملك الاعلى في وقت من الأوقات ) ما أمرهم ) أي أوقع الأمر لهم به في زمن ما.
ولما كان المطيع منا قد يخل ببعض المأمور به في ذاته بنقص ركن أو شرط أو وقت لنسيان، أو نوم ونحوه أو بترك مندوب ونحوه أو ما في معناه بوسوسة أو حديث نفس ونحوه يقصر عن إيقاعه على أعلى الدرجات كما قال ( ﷺ ) فيما أخرجه ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما والطيالسي عن ثوبات رضي الله عنه :( استقيموا ولن تحصوا ) قال نافياً لذلك عنهم :( ويفعلون ) أي مجددين مع كل أمر على سبيل الاستمرار ) ما يؤمرون ) أي ما يقع لهم الأمر به في أي وقت كان من غير نقص ما، وبني الفعل لما لم يسم فاعله كناية عن سهولة انقايدهم وإشارة إلى أن الذي أمرهم معلوم أنه الله سبحانه وتعالى.