صفحة رقم ٥٣٢
ولما كان الشيء إذا كان مصنوعاً للعذاب كان أشد فعلاً فيه قال :( من سجيل ) أي طين متحجر مصنوع للعذاب في موضع هو في غاية العلو كما بين في سورة هود عليه الصلاة والسلام، قال حمزة الكرماني : قال أبو صالح : رأيت تلك الحجارة مخططة بالحمرة.
ولما تسبب عن هذا المرمى هلاكهم، وكان ذلك بفعل الله سبحانه وتعالى القادر على ما أراد لأنه الذي خلق الأثر قطعاً لأن مثله لا ينشأ عنه ما نشأ من الهلاك، قال :( فجعل ) أي ربك المحسن إليك بإحسانه إلى قومك لأجلك بذلك ) كعصف مأكول ) أي ورق زرع وقع فيه الأكال وهو أن يأكله الدود ويجوفه لأن الحجر كان يأتي في الرأس فيخرق بما له من الحرارة وشدة الوقع كل ما مر به حتى يخرج من الدبر ويصير موضع تجويفه أسود لما له من النارية، أو أكل حبة فبقي صفراً منه أو كتبن أكلته الدواب وراثته، ولكنه جاء على ما عليه آداب القرآن كقوله تعالى :
٧٧ ( ) كانا يأكلان الطعام ( ) ٧
[ المائدة : ٧٥ ] وهذا الإهلاك في إعجابه هو من معاني الاستفهام التقريري في أولها، فقد تعانق طرفاها، والتف أخراها بأولاها - والله أعلم بمراده.
...