صفحة رقم ٥٣٤
إياه أي سنوه له وأمروه به، أو يكون اللام متعلقاً بفعل العبادة بدلالة ) فليعبدوا ) أي ليعبدونا لأجل ما أوقعنا من ألفهم وإيلافهم، وعلى التقديرين الألف علة للعبادة أو لما يوجب الشكر بالعبادة، وفي هذا إشارة إلى تمام قدرته سبحانه وتعالى وأنه إذا أراد شيئاً يسر سبببه لأن التدبير كله له يخفض من يشاء وإن عز، ويرفع من يشاء وإن ذل، ليثمر اعتقاد ذلك حبه والانقطاع لعبادته والاعتماد عليه في كل نفع ودفع، وقريش ولد النضر ابن كنانة واسمهم واسم قبيلتهم مشتق من القرش والتقرش وهو التكسب والجمع، يقال : فلان يقرش لعياله ويقترش أي يكتسب، وقال البغوي : وقال أبو ريحانة : سأل معاوية ابن عباس رضي الله عنهما : لم سموا بهذا ؟ فقال : لدابة تكون في البحر هي أعظم دوابه، يقال لها القرش، لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته، وهي تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى، قال : وهي تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم، وأنشد للجمحي :
وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا سلطت بالعلو في لجة البحر على سائر الجيوش جيوشا
وقال الزمخشري : هي دابة عظيمة تعبث بالسفن ولا تطاف إلا بالنار، والتصغير للتعظيم - انتهى.
وقيل : مسوا بذلك لتجمعهم إلى الحرم بعد تفرقهم، فإن القرش - كما تقدم - الجمع، وكان المجمع لهم قصياً، والقرش أيضاً الشديد، وقيل : هو من تقرش الرجل - إذا تنزه عن مدانيس الأمور، ومن تقارشت الرماح في الحرب - إذا دخل بعضها في بعض.
والمادة كلها للشدة والاختلاط، والتعبير بهذا الاسم لمدحهم.
وكما أجرى سبحانه وتعلى مدحهم على الألسنة جعلهم موضعاً للمدح، قال النبي ( ﷺ ) :( إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم ) وقال ( ﷺ ) :( الأئمة من قريش ) قال العلماء : وذلك ان طيب العنصر يؤدي إلى محاسن الأخلاق، ومحاسن الأخلاق تؤدي إلى صفاء القلب،


الصفحة التالية
Icon