صفحة رقم ٥٥
لمصاحبة إيمانه ( ﷺ ) غير الإيمان المطلق، فلا مانع من أن يدخل غيرهم من المؤمنين النار ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين فلا متمسك للمعتزلة بها في أن مرتكب الكبائر مخلد في النار لأنه داخل النار فهو مخزي، فهو غير موصوف بالإيمان لأن من اتصف بالإيمان لا يخزى بدليل هذه الآية، قال أبو حيان : وفي الحديث :( أنه ( ﷺ ) تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه : إن شئت جعلت حسابهم إليك، فقال : يا رب أنت أرحمن بهم مني، فقال تعالى : إذاً لا أخزيك فيهم ( ولما نفى عنهم الخزي، فسره بقوله مقدماً للنور لأن السياق لتعظيم النبي ( ﷺ ) بخلاف ما مضى في الحديد :( نورهم يسعى ) أي سعياً مستمر التجدد، وعلى التفسير الآخرة تكون هذه الجملة حالية، ويجوز أن تكون خبراً ل ) الذين ( إذا جعلناه مبتدأ ) بين أيديهم ( وحذف الجار إشارة إلى أنه ملأ تلك الجهة ) و ( كذا ) بأيمانهم ( وأما ما يلي شمائلهم فإنهم لا يلتفتون إليه لأنهم إما من السابقين وإما من أهل اليمين، فهم يمشون فيما بين الجهتين ويؤتون صحائف أعمالهم منهما، وأما أهل الشمال فيعطوها من وراء ظهورهم ومن شمائلهم وهم بما لهم من النر إن قالوا سمع لهم وإن شفعوا شفعوا.
ولما كانت إدامة للملك هي أشرف صفات العبد قال :( يقول ) أي مجددين لذلك دائماً لعلمهم أن الله تعالى له أن يفعل ما يشاء، لا حق لأحد عليه ولا سيما إذا رأوا انطفاء نور المنافقين، قال سهل : لا يسقط الافتقار إلى الله تعالى عن المؤمنين في الدنيا ولا في الآخرة بل هم في الآخرة أشد افتقاراً إليه وإن كانوا في دار العز لشوقهم إلى لقائه :( ربنا ) أي أيها المتفضل علينا بهذا النور وبكل خير كنا أو نكون فيه ) أتمم ( فأظهروا لأن المقام له.
ولما كان الإنسان ربما رزق شيئاً فانتفع به غيره دونه قالوا :( لنا نورنا ) أي الذين مننت به علينا حتى يكون في غاية التمام فتوصلنا به إلى المأمن في دار السلام، ولا تجعلنا كالمنافقين الذين أطفأت أنوارهم فكانت عاقبتهم إلى الظلام.
ولما كان كل من حسن أدبه لا بد أن يعتقد في نفسه النقص، قالوا على سبيل الذلة والمسكنة والتواضع :( واغفر لنا ) أي امح عنا كل نقص كان يميل بنا إلى أحوال المنافقين عينه وأثره، وهذا النور هو صورة أعمالهم في الدنيا لأن الآخرة تظهر فيها حقائق الأشياء وتتبع الصور معانيها، وهو شرع الله الذي شرعه وهو الصراط الذي يضرب بين ظهراني جهنم لأن الفضائل في الدنيا متوسطة بين الرذائل، فكل فضيلة