صفحة رقم ٥٥٤
أَعْبُدُ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) ٧٣
( ) ٧١
لما أخبره في الكوثر أن العريق في شنآنه عدم، وجب أن يعرض عنه ويقبل بكليته على من أنعم عليه بذلك، فقال معلماً له ما يقول ويفعل :( قل ( ولما كان شائنه أعرق الخلق في الضلال والبعد من الخير، قال منادياً له بأداة البعد وإن كان حاضراً معبراً بالوصف المؤذن بالرسوخ :( يا أيها الكافرون ) أي الذين قد حكم بثباتهم على الكفر فلا انفكاك لهم عنه فستروا ما تدل عليه عقولهم من الإعتقاد الحق لو جردوها من أدناس الحظ، وهم كفرة مخصوصون وهم من حكم بموته على الكفر بما طابقه من الواقع، وبما دل عليه التبعير بالوصف دون الفعل، واستغرقت اللام كل من كان على هذا الوصف في كل مكان وكل زمان، وإنما عبر بالجمع الذي هو أصل في القلة وقد يستعار للكثرة إشارة إلى البشارة إلى البشارة بقلة المطبوع على قلبه من العرب المخاطبين بهذا في حياته ( ﷺ ) وإشارة إلى حقارة الكافر وذلته وإن كان كثيراً - كما يشير إليه جعل كل كلمة منها بحرف من الكوثر كا سيأتي، وفي مناداتهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه في بلدتهم ومحل عزهم وحميتهم إيذان بأنه محروس منهم علماً من أعلام النبوة.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما انقضى ذكر الفريقين المتردد ذكرهما في الكتاب العزيز من أوله إلى آخره على اختلاف أحوال كل فريق وشتى درجاتهم، وأعني بالفريقين من أشير إليه في قوله سبحانه وتعالى :( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ( فهذا طريق أحد الفريقين، وفي قوله :( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ( إشارة إلى طريق من كان في الطرف الآخر من حال أولئك الفريق إذ ليس إلا طريق السلامة أو طريق الهلاك
٧٧ ( ) فريق في الجنة وفريق في السعير ( ) ٧
[ الشورى : ٧ ]
٧٧ ( ) فمنكم كافر ومنكم مؤمن ( ) ٧
[ التغابن : ٢ ] والسالكون طريف السلامة فأعلى درجاتهم مقامات الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم أتباعهم من صالحي العباد وعلمائهم العاملين وعبادهم وأهل الخصوص منهم والقرب من أحوال من تنسك منهم، ورتبتهم مختلفة وإن جمعهم جامع وهو قوله :( فريق في الجنة ( وأما أهل التنكب عن هذا الطريق وهم الهالكون فعلى طبقات أيضاً، ويضم جميعهم طريق واحد فكيفما تشعبت الطرف فإلى ما ذكر من الطريقين مرجعهما، وباختلاف سبل الجميع عرفت آي الكتاب وفصلت، ذكر كله تفصيلاً لا يبقى معه ارتياب لمن وفق، فلما انتهى ذلك كله بما يتعلق به، وتداولت بيانه الآي من لدن قوله بعد أم القرآن
٧٧ ( ) هدى للمتقين ( ) ٧
[ البقرة : ٢ ] إلى قوله :( إن شانئك هو الأبتر ( أتبع ذلك بالتفاصيل والتسجيل فقال تعالى :( قل


الصفحة التالية
Icon