صفحة رقم ٥٥٧
ولما كان ذلك كله، وبدأ النفي في الجمل السابقة بالمنسوب إليه ( ﷺ ) إيذاناً بالاهتمام ببراءته منهم، أنتج قطعاً مقدماً لما يتعلق بهم على وجه اختصاصهم به تأكيداً لما صرح به ما مضى من براءته منهم :( لكم ) أي خاصة ) دينكم ) أي الذي تعلمون أنه لا أصل له يثبت عليه، ولا دليل يرجع بوجه إليه، لا أشارككم فيه بوجه ولا ترجعون عنه بوجه بل تموتون عليه موتاً لبعظكم حتف الأنف والآخرين قتلاً على يدي بالسيف ) ولي ) أي خاصة ) دين ( من واصع روضة الإسلام إلى أعلى مقام : مقام اليقان والإحسان، وأنتم تعلمون - لو جردتم عقولكم عن الهوى وأخلصتم أفكاركم من الحمية والإبا - أنه كله دليل وفرقان ونور وحجة وبرهان، لا تشاركونني فيه بوجه، ولا تقدرون على ردّي عنه أصلاً، فكانت هذه علماً من أعلام النبوة نم حيث إنه مات منهم ناس كثير بعد ذلك على الكفر وأتم الله له هذا الدين، فصدق سبحانه فيما قال، وثبت مضمون الكوثر بأكمل استدلال، وأما من آمن بعد ذلك فليس مراداً لأنه لم يكن عريقاً في وصف الكفران، ولا رساخاً في الضلال والطغيان، فأسعده وصف الإسلام والإيمان، وساق الجمل كلها غير مؤكد إشارة إلى أنها من الوضوح في حد لا خفاء به أصلاً، ولا شك أن آخرها الذي هو اختصاص كل بدينه هو أولها الذي أفاد أنه لا يعبد معبوده فصار آخرها أولها، ومفصلها موصلها - هذا هو الذي دل عليه السياق، وليس فيه إذن في الكفر ولا منع عن الجهاد ليحتاج إلى نسخ، ومن أعظم الدلائل إعجازها وجمعها للمعاني في إشارتها وإيجازها أن حاصلها قطع رجاء أهل الكفران من أن يقاربهم النبي ( ﷺ ) في أن يعدل بربه أحداً في زمن من الازمان، وذلك من أعظم مقاصد المناظرة لها في رد الآخرة على أول الأنعام لأنها السادسة في العد من الأول، كما أن هذه السادسة في العد من الآخر
٧٧ ( ) أغير الله اتخذ ولياً ( ) ٧
[ الأنعام : ١٤ ]
٧٧ ( ) أفغير الله ابتغي حكماً ( ) ٧
[ الأنعام : ١١٤ ]
٧٧ ( ) أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء ( ) ٧
[ الأنعام : ١٦٤ ] إلى غير ذلك من الآيات، والفواصل والغايات، هذا ما يتعلق بمعاني تراكيبها ونظومها على ما هي عليه وتراتيبها وسياقاتها وأساليبها، وكلماتها الخطية سبع وعشرون إلى أربع كلمات البسملة إحد وثلاثون إلى أربعة ضمائر مستترة خمس وثلاثون إلى تسعة بارزة، فتلك أربع وأربعون كلمة الضمائر منها ثلاثة عشر هي مدة الإقامة بمكة المشرفة قبل الهجرة لأنها في الخفاء كالضمائر في خزائن السرائر، ولا سيما الأربعة الأول منها الموازية لضمائر الاستتار وغير الضمائر إحدى وثلاثون المناظر لها من السنين سنة إحدى وثلاثين، وهي سنة قتل يزدجرد ملك الفرس أكفر الكفرة من أهل ذلك الزمان وأعتاهم، وموافقة كلماتها في العدة لأحرف الكوثر مشرة إلى أن


الصفحة التالية
Icon