صفحة رقم ٥٦٧
سورة المسد
مقصودها البت والقطع الحتم بخسران الكافر ولو كان أقرب الخلق إلى أعظم الفائزين، اللازم عنه أن شارع الدين له من العظمة ما يقصر عنه الوصف، فهو يفعل ما يشاء لأنه لا كفو - له أصلا، حثا على التوحيد من سائر العبيد ولذلك بين سورة الإخلاص المقرون بضمان النصر وكثرة الأنصار، واسمها تبت واضح الدلالة على ذلك بتأمل السورة على هذه الصورة ) بسم الله ( الجبار المتكبر المضل الهاد ) الرحمن ( الذي عم الولي والعدو بنعمة البيان بعد الإكرام بالإيجاد ) الرحيم ( الذي خص بالتوفيق أهل الوداد.
المسد :( ١ - ٥ ) تبت يدا أبي.....
) تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَآ أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ( ( )
لما قدم سبحانه وتعالى في سورة النصر القطع بتحقيق النصر لأهل هذا الدين بعد ما كانوا فيه من الذلة، والأمر الحتم بتكثيرهم بعد الذي مر عليهم مع الذلة من القلة، وختمها بأنه التواب، وكان أبو لهب - من ضدة العناد لهذا الدين والأذى لإمامة النبي ( ﷺ ) سيد العالمين مع قربه منه - بالمحل الذي لا يجهل، بل شاع واشتهر، وأحرق الأكباد وصهر، كان بحيث يسأل عن حاله إذ ذاك هل يثبت عليه أو يذلك، فشفى غلَّ هذا السؤال، وأزيل بما يكون له من النكال، وليكون ذلك بعد وقوع الفتح ونزول الظفر والنصر، والإظهار على الأعداء بالعز والقهر، مذكراً له ( ﷺ ) بما كان أول الأمر من جبروتهم وأذاهم وقوتهم بالعَد والعُدد، وأنه لم عنهم شيء من ذلك، بل صدق الله وعده في قوله سبحانه وتعالى ) ) قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جنهم وبئس المهاد ( ) [ آل عمران : ١٢ ] وكذبوا فيما كانوا فيه من التعاضد والتناصر والتحالف والتعاقد، فذكر تعالى أعداهم له وأقربهم إليه في النسب إشارة إلى أنه لا فرق في تكذيبه لهم بين القريب والبعيد.
ولإى أنه لم ينفعه قربه له ليكون ذلك حاملاً لأهل الدين على


الصفحة التالية
Icon