صفحة رقم ٥٨٦
فعرض عند بعضهم إذ هي عبارة عن طرف الخط، وإذا كان الخط عرضاً فالنقطة اولى بالعرضية، وأما الجوهر الفرد فإنه وإن كان لا ينقسم فهو مقدر بجزء، وكل ما قدر بجزء فلا يخلو من الأكوان وهو كيفما كان على رأي من أثبته من المتكلمين وإن كانوا في أوصافه متنازعين فلا يخلو من الأعراض، وأما الجوهر الببسيط عند من أثبته فوجوده عندهم ليس عينه إذا اثنينيته غير ماهيته، وما هو بهذا الوصف عندهم ففيه اثنينية، ففارق البارئ سبحانه وتعالى بأحديته هذه الموجودات كما فارق بذاته الأجسام، فوجوده عن ذاته وليست صفاته تعالى مغايرة لذاته، وأما الواحد فهو وصف لذاته، فيه سلب الشريك والنظير عنه، فافترقا - يعني بأن الأحد ناظر إلى نفس الذات، والواحد إلى أمر خارج عنها، وقال البهقي في كتاب الأسماء والصفات : الأحد فيما يدعوه المشركون إلهاً من دونه لا يجوز أن يكون إلهاً إذ كانت إمارات الحدث من التجزي والتناهي قائمة فيه لازمة له، والبارئ سبحانه وتعالى لا يتجزئ ولا يتناهى، فقد مر أن الأحد خاص بالله سبحانه وتعالى : إنه لا فرق في إطلاقه عليه سبحانه وتعالى بين تعريفه وتنكيره لأنه معرفة في نفسة، فطاع اعتراض من قال من الملحدين : الجلالة معرفة وأحد نكرة لا ينعت به.
وعلى تقدير التسليم يجوز جعله بدلاً كما تقدم ولا مانع من إبدال النكرة من المعرفة مثل لنسفعاً بالناصية كاذبة، قال صاحب كتاب الزينة : وعلى هذه القراءة - أي قراءة التنكير - أجمعت الأمة، وروى قوم عن أبي عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق أنه قرأ قل هو الله أحد الله الواحد الأحد الصمد، وقال الإمام أبو الحسن الحرالي في شرح الأسماء الحسنى : الأحد اسم أعجز الله العقول عن إدراك آيته في الخلق إثباتاً فلم تستعمله العر بمفرداً قط أي وهو بمعناه الحقيقي لا بمعنى واحد ولا بمعنى أول مثلاً إلا في النفي لما علموا أنه مفصح عن إحاطة جامعة لا يشذ عنها شيء، وذلك مما تدركه العقول والحواس في النفي ولا تدركه في الإثبات فيقولون : ما في الدار أحد - نفياً لكل ولا يسوغ في عقولهم أن يقولوا : في الدار أو في الوجود أحد -، إذ لا يعقل عندهم ذات إنسان هي جامعة لكل إنسان، فلما ورد عن الله اسمه في القرآن تلقاه المؤمنون بالإيمان وأحبت قلوبهم سورة ذكره لجمعها لما لا يحصى من ثناء الرحمن وهي أحد الأنوار الثلاثة في القرآن، القرآن - نور
٧٧ ( ) ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا ( ) ٧
[ الشورى : ٥٢ ] ونور نوره سورة ذكر الأحد في ختمه وآية الكرسي في ابتدائه وسورة يس التي هي قبله في محلها منه واحد مبين عن اسم الله الذي هو بكل شيء محيط، لا يتطرق إليه شرك في حق ولا باطل، وهو واحد مبين عن اسم الإله الذي لا يصح فيه الشرك حقاً، وقد يتطرق إليه باطلاً
٧٧ ( ) واتخذوا من دون الله آلهة ( ) ٧


الصفحة التالية
Icon