صفحة رقم ٩٧
محمد ( ﷺ ) عما تقوله المبطلون مقسماً على ذلك زيادة في التعظيم، تأكياً في التعزير والتكرير فقال تعالى
٧٧ ( ) ن والقلم وما يسطرون وما أنت بنعمة ربك بمجنون ( ) ٧
[ القلم : ١، ٢ ] وأنى يصح من مجنون تصور بعض تلك البراهين قد انقطعت دونها أنظار العقلاء فكيف ببسطها وإيضاحها في نسق موجز، ونظم معجز، وتلاؤم يبهر العقول، وعبارة تفوق كل مقول، تعرف ولا تدرك، وتستوضح سبلها فلا تسلك
٧٧ ( ) قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ( ) ٧
[ الإسراء : ٨٨ ] فقوله سبحانه وتعالى
٧٧ ( ) ما أنت بنعمة ربك بمجنون ( ) ٧
[ القلم : ٢ ] جواباً لقوله تعالى في آخر السورة إنه لمجنون، وتقدم الجواب بنفي قولهم والتنزيه عنه على حكاية قولهم ليكون أبلغ في إجلاله ( ﷺ ) وأخف وقعاً عليه وأبسط لحاله في تلقي ذلك منهم، ولهذا قدم مدحه ( ﷺ ) بما خص من الخلق العظيم، فكان هذا أوقع في الإجلال من تقديم قولهم ثم رده إذ كسر سورة تلك المقالة الشنعاء بتقديم التنزيه عنها أتم في الغرض وأكمل، ولا موضع أليق بذكر تنزيهه عليه الصلاة والسلام، ووصفه من الخلق والمنح الكريمة بما وصف مما أعقب به ذلك إذ بعض ما تضمنته سورة الملك بما تقدم الإيماء إليه شاهد قاطع لكل عاقل متصف بصحة نبوته ( ﷺ ) وجليل صدقه
٧٧ ( ) ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ( ) ٧
[ النساء : ٨٢ ] فقد تبين موقع هذه السورة هنا، وتلاؤم ما بعده من آيها يذكر في التفسير - انتهى.
ولما نفى سبحانه عنه ( ﷺ ) ما قالوه مما تواقحوا به، فثبت له ( ﷺ ) كمال العقل، وكان المجنون من لا يكون له عمل ينتظم ولا قول يرتبط، فلا يستعمله أحد في شيء ليكون له عليه أجر، أثبت له الأجر المستلزم للعقل فيتحقق إثباته من أحكم الحكماء على وجه أبلغ مما لو صرح به، فقال على وجه التأكيد لإنكارهم له بما ادعوا فيه من البهت :( وإن لك ) أي على ما تحملت من اثقال النبوة وعلى صبرك عليهم بما يرمونك به وهو تسلية له ( ﷺ ) ) لأجراً ( ولما أثبت له منا يلازم العقل ويصلح لأن يكون في الدنيا وأن يكون في الآخرة دالاً بتنوينه وما أفهمه السياق من مدحه ( ﷺ ) على عظمته، وكان الأجر لا يستلزم الدوام، وقد يكون منغصاً بنوع منة قال :( غير ممنون ) أي مقطوع ولا منقوص في دنياك ولا في آخرتك ولا لأحد من الناس عليك به صنيع يمتن به بأن يذكره على سبيل اللوم والتقريع، فهذا بيان السعادة، والأجر لا يكون إلا على العمل الصالح، والعمل رشح الأخلاق، فصالحه نتيجة الأخلاق الحسنة والعقل الراجح.
ولما ثبت بهذا العقل مع ما أفاده من الفضل، وكان الذي يؤجر قد يكون في أدنى رتب العقل، بين أنه ( ﷺ ) في أعلاها بقوله مؤكداً لما مضى :( وإنك ( وزاد في التأكيد