شرح فيه أشياء من هذا الباب قال أبو إسحاق الاستثناء في كلام العرب توكيد العدد وتحصيله لأنك قد تذكر الجملة ويكون الحاصل أكثرها فإذا أردت التوكيد في تمامها قلت كلها وإذا أردت التوكيد في نقصانها أدخلت فيها الاستثناء تقول جاءني إخوتك تعني أن جميعهم جاءك وجائز أن تعني أن أكثرهم قد جاءك وإذا قلت جاءني إخوتك كلهم أكدت معنى الجماعة وأعلمت أنه لم يتخلف منهم أحد وتقول جاءني إخوتك إلا زيدا فتؤكد أن الجماعة تنقص زيدا وكذلك رؤوس الأعداد تشبه بالجماعات تقول عندي عشرة فجائز أن تكون ناقصة وجائز أن تكون تامة فإذا قلت عندي عشرة إلا نصفا أو عشرة كاملة أعلمت تحقيقها وكذلك إذا قلت لبث ألفا إلا خمسين فهو كقولك عشرة إلا نصفا لأنك استعملت الاستثناء فيما كان أملك بالعشرة من التسعة لأن النصف قد دخل في باب العاشر ولو قلت عشرة إلا واحدا أو إلا اثنين كان جائزا وفيه قبح لأن تسعة وثمانية يؤدي عن ذلك العدد ولكنه جائز من جهة التوكيد إن هذه التسعة لا تزيد ولا تنقص لأن قولك عشرة إلا واحدا قد أخبرت بحقيقة العدد فيه والاختيار في الاستثناء في الأعداد التي هي عقود الكسور والصحاح أن يستثنى فأما استثناء نصف الشيء فقبيح جدا لا تتكلم به العرب فإذا قلت عندي عشرة إلا خمسة فليس تكون الخمسة مستثناة من العشرة

__________


الصفحة التالية
Icon