ففي ذلك العصر تجلّت معجزة القرآن بشكلها البلاغي لتناسب عصر البلاغة والشعر. وليكون لها الأثر الكبير في هداية الناس إلى الإسلام.
ومن القصص في إعجاز القرآن قصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما سمع آياتٍ من سورة (طه)، فأثّرت فيه بلاغة كلماتها، وأدرك من خلال هذه البلاغة أن القرآن هو كلام الله عز وجل، فانقلب من الشِّرك والضلال إلى التوحيد والإيمان! هذا هو تأثير المعجزة البلاغية على من فهمها وأدركها ورآها.
لقد آمن بالاسلام وبالقرآن أفراد وجماعات كثيرة من غير المسلمين، وكان إسلامهم نتيجة تأثير القرآن في نفوسهم بطريق مباشر أو غير مباشر، فأما عن تأثيره المباشر فقد اعترفت به أفراد من علماء أوروبا ذوى الالباب والفطر السليمة ممن سمعوا القرآن أو قرأوه وفهموا بعض أسراره وإعجازه، ومن أمثلة ذلك ما فهمه أحد الأطباء من قوله تعالى في سورة النساء آية - ٥٦: ؟كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب؟ فأدرك أن وراء هذه الآية حقيقة علمية ما كانت معلومة للناس وقت نزول القرآن، وأنه لابد أن يكون من كلام عليم خبير بتركيب جسم الانسان، وبشبكة الاعصاب الدقيقة التى تنتشر أطرافها في الطبقة الجلدية وهى التى تستقبل الاحساس بالحرارة والبرودة والألم والراحة، فهم ذلك الطبيب من الآية أن تجدد الألم الذى انقطع بحرق الجلد لا يكون إلا بإعادة الجلد حيا كما كان لكى يتجدد ألمه مرارا وتكرارا كلما تبدل الجلد في كل مرة بعد حرقه، وتأكد الطبيب بأن هذا الكلام لا يصدر إلا من عالم خبير بتركيب الجسم البشرى ووظيفة الاعصاب المنتشرة في كيانه، وأن هذا الكلام نزل منذ قرون بعيدة على لسان نبى أمى لم يدرس علم الطب ولا التشريح فأيقن أن هذا كلام من أرسل محمدا رسولا فآمن به وأسلم.


الصفحة التالية
Icon