الفصل الثالث : الحث على التجارة
كثرت الآيات التي تحث المسلمين على السعي و العمل في ابتغاء فضل الله تعالى من الرزق الحلال في صور كثيرة من التجارة و الزراعة و الصناعة و المعاملات الأخرى، كقوله في سورة الجمعة :... فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكرو الله كثيرا لعلكم تفلحون (١)، أي : إذا فعلتم الصلاة وأدّيتموها وفرغتم منها ﴿ فانتشروا فِى الأرض ﴾ للتجارة والتصرّف فيما تحتاجون إليه من أمر معاشكم ﴿ وابتغوا مِن فَضْلِ الله ﴾ أي : من رزقه الذي يتفضل به على عباده بما يحصل لهم من الأرباح في المعاملات والمكاسب، و إباحة لطلب الرزق بالتجارة، يعني : اطلبوا الرزق من الله تعالى بالتجارة والكسب (٢).
وقوله تعالى :﴿ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ لَمَّا حَجَر عليهم في التصرف بعد النداء وأمرهم بالاجتماع، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله.
كما كان عرَاك بن مالك (٣) رضي الله عنه، إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللهم إني أجبتُ دعوتَك، وصليتُ فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين. وروي عن بعض السلف أنه قال: من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة، بارك الله له سبعين مرة، لقول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ (٤).
و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٥).
(٢) الشوكاني، فتح القدير، ج ٧ ص ٢٢٢ من الشاملة
(٣) عراك بن مالك الغفارى الكنانى المدنى توفي بعد ١٠٠ هـ فى خلافة يزيد بن عبد الملك، من الشاملة
(٤) تفسير ابن كثير، ج ٨ ص ١٢٣ من الشاملة
(٥) سنن ابن ماجة، ج ٦ ص ٣٥٦، رقم الحديث ٢١٣٠ من الشاملة