و رأسمال هذه التجارة هو : النفس و المال و قد ذكرهما الله في الآيتين بصورة الجمع ( أموال و أنفس ) في قوله :( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ..) و قوله :( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ... ، )، و بعبارة الاقتصاد على التاجر مع الله أن يستثمر من نفسه و ماله في إنتاج الطاعات و القربات إلى الله سبحانه و تعالى.
و قد مثل الله سبحانه وتعالى إثابة المجاهدين بالجنة على بذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيل الله بالشراء، وأصل الشراء بين العباد هو : إخراج الشيء عن الملك بشيء آخر مثله أو دونه، أو أنفع منه، فهؤلاء المجاهدون باعوا أنفسهم من الله بالجنة التي أعدها للمؤمنين، أي : بأن يكونوا من جملة أهل الجنة، وممن يسكنها فقد جادوا بأنفسهم، وهي أنفس الأعلاق، والجود بها غاية الجود :
يجود بالنفس أن ضنّ الجبان بها | والجود بالنفس أقصى غاية الجود |
وقد قال النبي ﷺ : الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا (٢).
(٢) أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، الجامع الصحيح، رقم ٣٢٧، باب ما جاء في فضل الوضوء، ج ٢ ص، ١٤٠، دار الفكر، بلا سنة الطبع.