ومن صور تربية القرآن للعسكريين على هذا المعتقد، الأمور التالية:
الآجال مكتوبة:
ربى القرآن الكريم العسكريين أن منازلة الأعداء، لا تقدمهم إلى الموت، كما أن الفرار من الزحف أو ترك الجهاد لا يبعدهم عن الأجل، قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾(١) وما يموت محمد ولا غيره من خلق الله إلا بعد بلوغ أجله الذي جعله الله غاية لحياته وبقائه، فإذا بلغ ذلك من الأجل الذي كتبه الله له وأذن له بالموت فحينئذ يموت، فأما قبل ذلك فلن تموت بكيد كائد ولا بحيلة محتال(٢).
لقد وعى القادة العسكريين هذا المعنى، فنجد الخليفة أبوبكر الصديق يوصي قائده خالد بن الوليد رضي الله عنهما حين بعثه إلى أهل الردة، بقوله: (احرص على الموت توهب لك الحياة)(٣). وفقه القائد هذا التوجيه ففي رسالة خالد بن الوليد إلى أهل الحيرة: (أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام فإن أجبتم إليه فأنتم من المسلمين لكم ما لهم وعليكم ما عليهم، فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة، جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم)(٤).
الحذر لا يمنع القدر:
وتأكيداً بأن الآجال مكتوبة فقد ربى القرآن العسكريين على أن الحذر من الاحتماء بالحصون أو الفرار منن الزحف، أو ترك الجهاد أو غير ذلك لا ترد القدر.

(١) سورة آل عمران-آية(١٤٥).
(٢) تفسير الطبري-٦/١٠٨.
(٣) وفيات الأعيان- (ج ٣ / ص ٦٧ وانظر: السنن الكبرى-البيهقي- ٩ / ١٧٩.
(٤) البداية والنهاية- (ج ٦ / ص ٣٧٧


الصفحة التالية
Icon