ففي هذه الآية يحرض تعالى عباده المؤمنين على الجهاد في سبيله وعلى السعي في استنقاذ المستضعفين بمكة، من الرجال والنساء والصبيان المتبرمين بالمقام بها؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ ﴾ يعني: مكة. ثم وصفها بقوله: ﴿الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ سخر لنا من عندك وليا وناصرا. وثبت عن ابن عباس أنه قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين(١).
ولأهمية نصرة المظلوم أن الإمام محمد بن عبدالوهاب أعتبر خذلان المظلوم من الكبائر(٢). ونصرة المظلوم من أبرز من يقوم بها من ولاه الله ولاية شرعية على المسلمين، وهم العسكريين (٣).
الوفاء بالعهد:
إن نقض الوفاء بالعهود تعتبر من الكبائر المؤثرة في الإيمان(٤). ومن تربية القرآن العقائدية للعسكريين تربيته على الوفاء بالعهود، قال تعالى ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾(٥) وهذا الأمر بالوفاء مع المستجير لا يخص الرسول - ﷺ - بل هو أمر عام للأمة، وأمته أسوته في الأحكام، أن يجيروا من طلب أن يسمع كلام اللّه(٦). وكتب عمر بن عبد العزيز بذلك إلى الناس؛ قال الأوزاعي: هي إلى يوم القيامة)(٧).

(١) تفسير ابن كثير-٢/٣١٤. انظر: صحيح البخاري-كتاب التفسير-باب تفسير (ومالكم لا تقتلون في سبيل الله والمستضعفين)-رقم(٤٢٢٢).
(٢) كتاب الكبائر-محمد بن عبدالوهاب-٢١٥.
(٣) انظر: نهاية الإقدام في علم الكلام-الشهرستاني-١٦٨. و فتح الباري-ابن حجر-٥/٩٩
(٤) انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر—كبيرة ٥٣. وشعب الإيمان-البيهقي-شعبة٥٤.
(٥) سورة التوبة-آية(٦).
(٦) انظر: تفسير السعدي-٢٩٠
(٧) المغني-ابن قدامة-


الصفحة التالية
Icon