ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء، فهذا هو الواجب على العبد في نظره وعمله بجميع الأسباب(١).
ومن أمثلة هذه الوسيلة للتربية العقائدية قول الله تعالى ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾(٢).
إن مدلول هذه الآية أن الله (يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله، وأن ذلك من عنده تعالى، وبتأييده وتقديره، لا بعَددهم ولا بعُددهم ونبههم على أن النصر من عنده، سواء قل الجمع أو كثر، فإن يوم حُنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله - ﷺ -. ثم أنزل الله نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه، ليعلمهم أن النصر من عنده تعالى وحده وبإمداده وإن قل الجمع، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين(٣).
الأمر بالصبر:
إن وموضوع الصبر من أكثر الموضوعات تناولاً في ما يهم العسكريين، وقد قال الشاعر حول هذا الموضوع:
ذكرتك والخَطى يخطرُ بَيْنَنَا……وَقَد نَهَلَتْ فِينَا المُثَقَّفَةُ السُّمْرُ(٤)
وجاء الأمر به في آيات كثيرة، فلا غنى عن الصبر، وفي حق المجاهدين والذين يعدون أنفسهم للجهاد أشد وآكد؛ وذلك لبعد المشقة وطولها(٥).

(١) القول السديد شرح كتاب التوحيد - (ج ١ / ص ٤٣)
(٢) سورة التوبة-آية (٢٥).
(٣) تفسير ابن كثير-٤/٦٦.
(٤) تفسير ابن كثير-٦/١٤.
(٥) التربية الجهادية في ضوء الكتاب والسنة-عبدالعزيز الجليل-١٦٦-الطبعة الأولى١٤٢٤هـ


الصفحة التالية
Icon