كما ذكر الموازنة بين الصراط المستقيم والسبل المنحرفة تحذيرا من الوقوع في الفرق الضالة، فقال تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله (١) وكشف حقائق الآلهة المضلة، قال الله تعالى (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله (٢) وقال الله تعالى (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون(٣)
كما وضّح تصرفات بعضهم التي فيها بيان غفلتهم، إذ صرحوا بأنهم ما عبدوها إلا بنية حسنة تقربا إلى الله تعالى (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى (٤) )
فهذه هي التخلية والتحلية (٥) وهما مهمان في التربية، وبحاجة إلى بحث مستقل لإبرازهما بجمع أفرادهما من القرآن الكريم وضم أطرافهما وتوضيح منهجهما وأهدافهما وغاياتهما.
المبحث الثالث
تكوين القرآن الكريم لشخصية المسلم بالأخلاق الفاضلة
بعيدا عن العادات والقبائح والرذائل الضالة
المسلم المستقيم له مكونات شخصيته، لأنه قوي النفس والقلب والجسم، فالقرآن الكريم يضم في هداه كل الخصال المهذبة للفرد والمجتمع، وإذا تربى عليها أفراده سار إلى بر الأمان بكل محبة وتوادّ وتعاطف وتراحم.

(١) سورة الأنعام الآية رقم ( ١٥٣ ).
(٢) سورة الجاثية الآية رقم ( ٢٣ ).
(٣) سورة العنكبوت الآية رقم ( ٤١ ).
(٤) سورة الزمر الآية رقم ( ٣ ).
(٥) هاتان كلمتان تستعملان في تخلية الوعاء وتنظيفه من الكدر ثم وضع المفيد فيه وتحليته به، وكذا تخلية القلب: إخراج ما فيه من الباطل، وتحليته يكون بالحق والصواب.


الصفحة التالية
Icon