٣-إن قوة الطغاة غالباً لا تؤثر في سلوك الأفراد الذين استعبدوهم، وإن تغير بعض من سلوكهم فإنما يتغير للضرورة التي تفرضها تلك الطغمة الفاسدة... ويكون ذلك التغيير مؤقتاً يزول بزوال القوة الحاكمة.
أما الانقياد التام للأنبياء والرسل عليهم السلام والدعاة المخلصين إنما يؤثر تأثيراً جذرياً في سلوكهم وفي عاداتهم وتقاليدهم لأن الانقياد انقياد طاعة وإيمان من خلال الحوار الإيماني الصادق.
ولقد كان انقياد المؤمنين لرسول الله ﷺ في الأوامر والنواهي التي كانت تصدر عنه ﷺ مثل امتناعهم المطلق عن شرب الخمر والميسر، بينما نجد كل القوانين الأرض الوضعية لا تثني الناس عن الابتعاد عن مظاهر الفساد المتنوعة.
٤-إن المقارنة بين انتصار الطواغيت ونجاح الأنبياء عليهم السلام يرى بما لا يدع مجالاً للشك أن انتصار الطواغيت هو انتصار مؤقت يزول بزوال ملكهم وجبروتهم ويورث الأعداء الذين يتربصون بهم لحظة بلحظة لينقضوا عليهم... لأن هذا الانتصار يعد إذلالاً للآخرين.
أما نجاح أصحاب الدعوة الحقة فإنما يكون انتصاراً حقيقياً لأن اتباع الناس لهم يكون عن اقتناع وإيمان.. ولهذا يحملون هم عبء الدعوة لتبليغها للآخرين فتكون ديمومة هذه الدعوة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها فيكون هذا هو الانتصار الحقيقي. لأن الدعاة هنا يكسبون حب المقتنعين بهم وإعجابهم.