وقد حكى لنا القرآن الكريم صوراً مختلفة للحوار، كحوار الله سبحانه وتعالى مع الملائكة والبشر وهو الجبار المنتقم ذو القوة المتين القادر على إنهاء الخلاف كما يجب وكما يريد، ولكنه سبحانه وتعالى حاورهم وتقبل منهم ما حاوروا فيه، وإن كان فيه ما يشبه الإنكار والاعتراض أحياناً على الله في ظاهر اللفظ.
كما في قول الملائكة لله سبحانه وتعالى: }أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴿([١٤])، وكان هذا رداً منهم على الله حينما قال لملائكته: ﴾إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة﴿([١٥]).
وحواره سبحانه وتعالى مع إبراهيم -عليه السلام- حينما سأل ربه فقال: ﴾رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴿([١٦]).
وكأنه غير متيقن تماماً من البعث كل اليقين، هل قال له ربه تأدب يا إبراهيم؟، هل استعمل معه القوة؟، لا بل حاوره حواراً علمياً مقنعاً، فقال له رب العزة: ﴾أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي{.