هذه هي الحلقة التاسعة عشرة من شرح مقدمة أصول التفسير.. نكمل فيها ما انقطع من حديث حول تفسير الصحابي للقرآن الكريم.
سبق ذكر ما يدل على أهمية تفسير الصحابي للقرآن الكريم..
فهذه المزايا التي ذُكرت تُوجِبُ على دارسِ التفسير أن يرجع إلى أقوالهم، وأن يَفْهَم تفسيراتِهم، ليَعْتَمِد عليها في التفسير، ويبنيَ عليها مسائل الآيات وفوائدها.
ولكنْ للأسف كثيراً ممن يُدَرِّس أو يَدرُس التفسير لا يهتم بإيراد أقوال الصحابة، وكثيراً ما تراه يكتفي بأن ينسب التفسير إلى المتأخرين من المفسرين كابن عطية والقرطبي وابن كثير... وغيرهم. وفي هذا المسلك ما يقطعُ على طالب العلم شرف الوصول إلى علوم هؤلاء الصحابة وأفهامهم، بل قد يجعله ينظر إلى أقوالهم نظر المقلّلِ من شأنها، ويرى أن تفسيراتهم سطحيّة، لا عمق فيها، ولا تقرير!! بخلاف تفسير المتأخرين لكثرة ما يسمع من عبارة (قال ابن كثير) ولقلة ما يسمع من عبارة (قال ابن عباس)..
وسبيل أهل العلم الراسخين فيه أنهم (يكثرون من ذكر تفسير الصحابة رضي الله عنهم)، وانظر كم الفرق بين أن يُقال: هذا قول ابن عباس في الآية، أو يقال: هذا قول ابن عطية في الآية. انظر إلى ما ستميل إليه نفسك؟ ويطمئن إليه قلبك ؟
سبق أيها المستمعون الكرام في الحلقة السابقة قول النبي - ﷺ - في ابن عباس رضي الله عنهما :«اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»..
ما معنى التأويل ؟
التأويل يذكر عند السلف وفي نصوص الكتاب والسنة بمعنيين :
١- بمعنى : الإيضاح والبيان. وهذا هو المراد في دعوة النبي - ﷺ - لابن عباس : أي علمه تفسير القرآن ومعناه. ومنه قول ابن جرير :" القول في تأويل قول الله تعالى ".


الصفحة التالية
Icon