ومن خلال الأمثلة السابقة يتضح لك –أيها المستمع الكريم- أنّ المشترك اللفظي على قسمين:
الأول : أن يكون المعنيان متضادين، كلفظ القَرء الذي يحتمل أن يكون الطهر أو الحيض. والثاني : أن يدل على معنيين ولا يلزم أن يقع تضاد بينهما، كلفظ القسورة الذي يُراد به الرامي أو الأسد.
الثالث من أنواع الألفاظ : المترادف. أن يكون للشيء الواحد أكثرُ من لفظ، كالسيف والحسام والمهند والصارم.
وقد اختلف أهل اللغة : هل يوجد المترادف في لغة العرب أم لا ؟
من العلماء من قال : لا توجد في لغة العرب ألفاظ مترادفة بحيث لا يكون بين اللفظين فرق ألبتةَ، ومن العلماء من قال: إنه يوجد فيها ذلك، والصحيح : أنه توجد في لغة العرب ألفاظ مترادفة بمعنى أنها تتشابه في أصول معانيها، لكن لكل لفظ التنبيه على صفة ليست في اللفظ الآخر، أما أن يوجد لفظان يتفاق في كل شيء، ومن كل وجه، ولا يزيد أحدهما على الآخر في المعنى شيئاً فلا يوجد مثل هذا. مثلاً : الجلوس والقعود. معناهما واحد. ولكن لا يسوغ لك أن تقول :(كان متكئاً فقعد)، وإنما قل:( كان متكئاً فجلس) ؛ لأن الجلوس يكون عن اتكاء، والقعود عن قيام.
والحكم في المشترك اللفظي إذا لم يكن من باب ألفاظ التضاد ولم يوجد مرجح فينبغي أن نحمل الآية على كلا المعنيين.
﴿ فرت من قسورة ﴾ نقول : قسورة : الرامي والأسد، لأن اللفظ يصدق عليهما ولا مرجح لأحدهما. ومثله :﴿ وليال عشر ﴾ قيل : الأولى من ذي الحجة، وقيل الأخيرة من رمضان، فنحمل الآية على القولين إذ لا تعارض بينهما ولا مرجح. فإذا ترجح أحد اللفظين المشرَكين قدَّمنا الراجح. كما في الآية :﴿ والليل إذا عسعس ﴾، قد يكون المراد: أقبل، أو أدبر. ولكن ترجح أقبل، ليقابل قوله :﴿ والصبح إذا تنفس ﴾. فإذا لم يوجد مرجح حملنا الآية على كلا المعنيين.


الصفحة التالية
Icon