حكمه : هذا النوع لا ينبغي طلب كشفه.
النوع الثالث : ما أبهمه الله سبحانه وتعالى بقصد التعظيم، كأمور من صفات الجنة، وأمور من أحوال الآخرة، أبهمها بقصد أن تكون في الأذهان شيئاً عظيماً، إما لشرفه وعلوه، أو لشدته وغلظته.
النوع الرابع : ما أبهمه الله تعالى بقصد التعميم.
النوع الخامس : ما أبهمه الله تعالى لعدم تعلق فائدة به، مثل : عدد أصحاب الكهف، واسم كلبهم كما مرّ معنا قبل قليل.
إذاً نقول : المبهمات على نوعين :
١- مبهمات استأثر الله بعلمها، فطلبها حرام.
٢- ومبهمات لم يستأثر الله بعلمها، فطلبها على أنواع، ولكل نوع حكم. فكلها يجوز طلبها إلا النوع الذي فيه طلب الستر فإنه لا ينبغي.
مع ملاحظة : أنه لا يجوز الجزم بتعيين شيء من المبهمات في هذه الأنواع ما لم يأتِ الدليل الصحيح الصريح فيها. وليس مجرد ذكرها في كتب التفسير يجعلنا نجزم بها.
مثال ذلك : قوله تعالى :﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾ [القصص: من الآية٢٠]، ما هي المدينة ؟ في كتب التفسير كثيرون يقولون : هي (أنطاكية)، هذا غير صحيح لأنه لم يأت في نص صحيح صريح فكيف يُساق مساق المسلَّمات ؟
إذاً : القاعدة هذه تنبهك على أنواع المبهمات، وتنبهك على أمر خطير وهو : أنه لا يمكنك أن تجزم بشيء من تعيين هذه المبهمات ما لم يكن لديك دليل صحيح صريح، ولا حرج من أن تُذكر على سبيل الاحتمال. مثل ما قال نبيُّنُا عليه أفضل صلاة وأتم تسليم :«مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ» [أخرجه الإمام أحمدُ في المسند وابو داود في السنن وهو صحيح الإسناد].


الصفحة التالية
Icon