الصحيح : أنه لا يجوز، قال العلماء : لأن اختلافهم على هذه الأقوال في تفسير الآية أو تفسير الحديث ؛ دليل أن الآية أو الحديث لا يحتمل شيئاً من المعنى إلا ذلك، فهذا كالإجماع منهم على أن الآية أو الحديث لا تحتمل من المعنى إلا هذا. ولذلك قال العلماء - صحت الرواية بذلك عن أحمدَ والشافعيِّ ومالكٍ وأبي حنيفةَ رضي الله عنهم - : أنه إذا اختلف الصحابة في المسألة: نتخير من أقوالهم، فننظر إلى أيها أقرب إلى الدليل فنتبعه إن ظهر الدليل، فإن لم يظهر ؛ نتخير من هذه الأقوال، ولم يقل أحد بإحداث قول جديد لم يقله الصحابة.
وفي أخبار أبي حنيفة للصيمري ص١٠، وإيقاظ همم أولي الأبصار ص٧٠، قال ابن المبارك رحمه الله: سمعت أبا حنيفة [رضي الله عنه] يقول: "إذا جاء عن النبي - ﷺ - فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن أصحاب النبي - ﷺ - نختار من أقوالهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم"اهـ.
وفي ترتيب المدارك (١/١٩٣)، قال مالك :"فيه-أي في الموطأ- حديث رسول الله - ﷺ -، وقول الصحابة والتابعين ورأيهم. وقد تكلمت برأيي على الاجتهاد، وعلى ما أدركت عليه أهل العلم ببلدنا ولم أخرج عن جملتهم إلى غيره"اهـ.
وفي المدخل إلى السنن للبيهقي ص١١٠، قال الشافعي رحمه الله: "العلم طبقات: الأولى: الكتاب والسنة؛ إذا ثبتت السنة. ثم الثانية : الإجماع فيما ليس فيه كتاب و لا سنة. والثالثة: أن يقول بعض أصحاب النبي - ﷺ - و لا نعلم له مخالفاً منهم. والرابعة: اختلاف أصحاب النبي - ﷺ - ورضي عنهم. والخامسة: القياس على بعض هذه الطبقات. ولا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة وهما موجودان وإنما يؤخذ العلم من أعلى".


الصفحة التالية
Icon