قال الشيخ محمد حسين الذهبي: "ومن تفسير القرآن بالقرآن: الجمع بين ما يُتَوهم أنه مختلف؛ كخلق آدم من تراب في بعضٍ، ومن طينٍ في غيرها، ومن حمأ مسنون، ومن صلصالٍ، فإنَّ هذا ذِكْرٌ للأطوار التي مرّ بها آدم من مبدأ خلقه إلى نفخ الروح فيه" [التفسير والمفسرون، مج الأول في صفحة اثنتين وأربعين].
فهذا جمع بين الآيات، وفهم الآيات لا يمكن إلا به، ولكنه ليس من تفسير القرآن بالقرآن، إذ هذا المصطلح لا ينطبق إلا على آية جاء بيان لفظ فيها في أية أخرى. وهذا المثالان من التوسع الذي يكون في تطبيقات المصطلح.
ومما أدخله العلماء في باب تفسير القرآن بالقرآن، وهو توسع في التطبيق:
جمع الآيات التي تكرر فيها معنىً معين.
مثال ذلك : قوله تعالى: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: ٣]، تكرر هذا المعنى في القرآن في مواضع: قال تعالى :﴿ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الحجر: ٨٨] وفي الكهف: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً ﴾ [الكهف: ٦]. وفي فاطر: ﴿ فَلاتَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [فاطر: ٨]. وفي النحل: ﴿ إن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَن يُضِلّ ﴾ [النحل: ٣٧]. إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على كمال شفقته - ﷺ - على الأمة، ومحبته لإسلامهم، وشدة حرصه على هدايتهم.
وذكر هذا النوع الأمير الصنعاني في [مفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن].
ويمكن القول: إنه ليس هناك ضابط يضبط هذا التوسع في التطبيق بحيث يمكن أن يقال: هذا يدخل في تفسير القرآن بالقرآن، وهذا لا يدخل فيه.
ولذا يمكن اعتبار كتب (الوجوه والنظائر) وهي الكتب التي تبيّن معنى اللفظ في عدة آيات، وتذكر وجه الفرق فيها في كل موضع. يمكن اعتبار هذه الكتب من كتب تفسير القرآن بالقرآن.


الصفحة التالية
Icon