هذه هي الحلقة الخامسة عشرة من شرح مقدمة أصول التفسير، مضى الكلام في الحلقتين السابقتين عن تفسير القرآن بالقرآن، والحديث في هذه الحلقة عن تفسير القرآن بالسنة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله :" فَإِنْ أَعْيَاك ذَلِكَ فَعَلَيْك بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهَا شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ وَمُوَضِّحَةٌ لَهُ، بَلْ قَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ : كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ؟إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا؟. وَقَالَ تَعَالَى : ؟وَأَنْزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ؟. وَقَالَ تَعَالَى: ؟وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ؟؛ وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: "أَلَا إنِّي أُوتِيت الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" يَعْنِي السُّنَّةَ. وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ; لَا أَنَّهَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةِ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذَلِكَ. اهـ.
ليس المراد من كلام الشيخ رحمه الله أنّنا إذا وجدنا آيةً فيها تفسير آيةٍ فلا نعبأ بما ورد في ذلك من حديث رسول الله - ﷺ -، وإنما المراد تقسيم الكلام وترتيبه للإيضاح والإفهام. أما لو وجدت آية تفسرها آيةٌ وحديثٌ فاذكر كلَّ ذلك عندها، ليكون كلامك نوراً على نور.


الصفحة التالية
Icon