ولا يمكن أن يدعي شخصٌ الإيمان وهو يرد حديث رسول الله - ﷺ -، أو ما قال الله :﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾. قال الإمام العلامة البحر الحبر محمد بن إبراهيم رحمه الله في رسالته القيمة الماتعة الفريدة تحكيم القوانين :" وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن مَّن لم يحكموا النبي - ﷺ - فيما شجر بينهم نفياً مؤكداً بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى :﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول - ﷺ - حتى يُضيفوا إلى ذلك عدمَ وجود شيء من الحرج في نفوسهم بقوله جلَّ شأنه :﴿ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ﴾، والحرج : الضيق. بل لابد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب. ولم يكتف تعالى هنا أيضاً بهذين الأمرين حتى يضموا إليهما التسليم، وهو كمال الانقياد لحكمه - ﷺ - بحيث يتخلون هاهنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء، ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتم تسليم، ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد وهو قوله جل شأنه :﴿ تسليما ﴾ المبيِّن أنه لا يُكتفى هاهنا بالتسليم. بل لابد من التسليم المطلق ". اهـ كلامه رحمه الله وجمعنا وإياه في جنته. وهو كلام يكتب بماء العين على جدار القلب.
وتوعد الله مخالف سنته بالفتنة، قال تعالى :﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾، قال الإمام أحمد :"أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ردَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الشرك فيهلك".


الصفحة التالية
Icon