والسنة يجب الأخذ بها سواء كانت متواترة أم آحاداً.. بعض الناس –هداهم الله – لا يقبلون في العقائد إلا السنة المتواترة، ويأخذون بالآحاد فقط في الجانب العملي، أما في جانب الاعتقاد فلا يقبلون إلا المتواتر، قالوا: لأن العقائد لا تثبت إلا بالمتواتر! وأقول رداً عليهم: قولكم : العقائد لا تثبت إلا بالمتواتر، هذه عقيدة في حد ذاتها، فأين الدليل المتواتر الذي استندتم إليه في تقرير هذه العقيدة. وسوف لن يجدوا دليلاً ضعيفاً فضلاً عن كونه صحيحاً، وفضلاً عن كون الصحيح متواتراً !
المستمعون الأكارم :
اعلموا –رعاكم الله – أنّ سنة سيدنا محمد يجب الأخذ بها، سواء فسرت القرآن، أو أكدته، أو جاءت بحكم جديد. وهي محفوظة كما أنّ القرآن محفوظ، وأختم بهذه الدرة لأبي محمد بن حزم يرحمه الله، في كتاب الإحكام في أصول الأحكام مج الأول صفحة خمس عشرة ومائة- قال :" فبالضروري ندري أنه لا سبيل ألبتة إلى ضياع شيء قاله رسول الله - ﷺ - في الدين، ولا سبيل ألبتة إلى أن يختلط به باطل موضوع اختلاطاً لا يتميز عن أحد من الناس بيقين، إذ لو جاز ذلك لكان الذكر غير محفوظ، ولكان قول الله تعالى ﴿ إنا نحن نزلنا لذكر وإنا له لحافظون ﴾ كذباً ووعداً مخلفاً، وهذا لا يقوله مسلم. فإن قال قائل : إنما عنى تعالى بذلك القرآن وحده فهو الذي ضمن تعالى حفظه ؟ قلنا له -وبالله تعالى التوفيق - : هذه دعوى كاذبة مجردة من البرهان، وتخصيص للذكر بلا دليل، وما كان هكذا فهو باطل ؛ لقوله تعالى :﴿ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ﴾ فصحَّ أن لا برهان له على دعواه، فليس بصادق فيها. والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه - ﷺ - من قرآن أو من سنة وحي يُبيَّن بها القرآن".
ونواصل إن شاء الله في بيان هذا الطريق من طرق التفسير.


الصفحة التالية
Icon