قَالَتْ : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي ! إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ : لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ - الثَّنِيَّة الْمُشْرِفَة عَلَى قُدَيْد- فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لمناة لم يطف بين ِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - عَنْ ذَلِكَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾
الْآيَةَ.. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا".
خامساً : أنهم أهل اللسان الذي نزل به القرآن.
ثبت عن ابن عباس أنه قال في قول الله تعالى :﴿ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب... ﴾ قال :" كَانَ نَاسٌ مِنْ الْإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنْ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنُّ وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِدِينِهِمْ".
قال ابن حجر رحمه الله :"اِسْتَشْكَلَ اِبْن التِّين قَوْله :" نَاسًا مِنْ الْجِنّ " مِنْ حَيْثُ إِنَّ النَّاس ضِدّ الْجِنّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّهُ مِنْ نَاس إِذَا تَحَرَّكَ أَوْ ذُكِرَ لِلتَّقَابُلِ حَيْثُ قَالَ : نَاس مِنْ الْإِنْس وَنَاسًا مِنْ الْجِنّ، وَيَا لَيْتَ شِعْرِي عَلَى مَنْ يَعْتَرِض". يعني كيف يعترض على من نزل القرآن بلسانهم. فلله در ابن حجر رحمه الله.
سادساً : حسن فهمهم.