فقالوا - أي المسلمون بمكة - يا رسول الله لو قصصت علينا، فأنزل الله ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾(١) فنزلت مبسوطة تامة ليحصل لهم مقصود القصص من استيعاب القصة وترويح النفوس بها، والإحاطة بطرفيها، استخلاصاً لعبرها ودلالاتها.
وأقوى ما يجاب به أن قصص الأنبياء عليهم السلام إنما تكررت لأن المقصود بها إفادة إهلاك من كذبوا رسلهم وآذوهم ؛ والمواقف التي يعيشها النبي تستدعي ذلك التكرير ؛ ذلك لتكرير تكذيب الكفار لرسول الله ﷺ، فكلما كذبوا أنزلت قصةٌ منذرةٌ بحلول العذاب كما حل على المكذبين ؛ ولهذا قال تعالى:﴿ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ ﴾(٢)وقال أيضاً :﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴾(٣)وقصة يوسف لم يقصد منها ذلك (٤).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- يوسف ١-٣
٢- الأنفال ٣٨
٣- الأنعام ٦
٤- الإتقان في علوم القرآن : السيوطي، القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الثالثة، ١٩٥٢ م، ٢/١٨٥
مستويات قصة يوسف.