حين ننظر إلى المعنى اللغوي للقصة نجد أن أصل اشتقاقها يتلاقى مع أصل التسمية للقصص القرآني ؛ فالقصة مشتقة من القصص وهو تتبع الأثر واقتفائه، قال الله تعالى:﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾(١) ومن هذا قولهم:"قص الأثر"؛ أي نظر إليه واقتفى آثاره وشواهده قال الشاعر : قُلتَ في عينيهِ أفئدةٌ...... تُنَحِّي ما قص من أثره
يقال : قصصتُ أثره واقتصصته وتقصصته، وخرجت في أثر فلان قصصاً، قال عز وجل :﴿ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ (٢)، ومنه :
قص عليه الرؤيا والحديث، قال تعالى في سورة يوسف:﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾(٣) ؛ فالقص للأثر أشبه بما يعرف الآن بتصوير البصمات، أو رفع الآثار وتصويرها ؛ ليستدل على ما وراءها من أحداث مضت، والقصة في القرآن هي تتبع أحداثٍ ماضيةٍ واقعةٍ، يعرض فيها ما يمكن عرضه، ومن هنا جاءت تسمية الأخبار التي جاء بها القرآن قصصاً مما يدخل في المعنى العام لكلمة خبر أو نبأ ؛ فقد استعمل القرآن الخبر والنبأ بمعنى التحدث عن الماضي، وإن كان قد فرق بينهما في المجال الذي استعملا فيه، ومن هذه التفرقة نتبين دقة ألفظ القرآن الكريم ؛ جرياً على ما قام عليه نظمه من دقة وإحكام وإعجاز ؛ فقد استعمل النبأ عن الأحداث البعيدة زماناً أو مكاناً في حين استعمل الخبر في الكشف عن الوقائع قريبة العهد والوقوع، أو التي
لا تزال مشاهدتها قائمة للعيان (٤) ؛ قال تعالى :{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- القصص ١١ ٢ - الكهف٦٤
٣- يوسف ٥
٤- القصص القرآني : عبد الكريم خطيب، دار الفكر العربي، ص ٤٤