العلم إذا كانت ذات ظواهر علمية دنيوية، ودور العلماء فيها: إدراك بعض النواحي منها المتعلقة بالحس والعقل، وترك حقيقة المغيبات إلى الله تعالى، سبيلهم التسليم إلى الله، قائلين: آمنا بذلك، كل من عند ربنا. وهكذا فإن المحكم: ما لا يحتمل إلا تأويلا واحدا. والمتشابه: ما احتمل من التأويل أوجها.
قال الله تعالى مبينا المحكم والمتشابه وموقف الناس منهما:
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٧ الى ٩]
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧) رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥»
[آل عمران: ٣/ ٧- ٩].
والسبب في اشتمال القرآن على بعض الآيات المتشابهات: هو تمييز الصادق الإيمان من ضعيفة، وإعطاء الفرصة لعقل المؤمن، من أجل البحث، والنظر والتأمل حتى يصل إلى حد العلم الناضج، فيكون الناس على درجات، كل يفهم بقدر عقله وإدراكه، ولكن لا يصح لأحد أن يتصيد من القرآن أو من المتشابهات ما يتفق مع هواه وزيغه، وضلاله وانحرافه، فعلى أهل العلم والعقول الصافية التزام جانب العقيدة الصحيحة المتفقة مع ظواهر القرآن وآياته المحكمة، وهم يقولون: ربنا لا تمل قلوبنا عن الحق بعد هدايتك لنا، وهب لنا من لدنك رحمة ترحمنا وتوفقنا إلى الخير والسداد، إنك أنت الوهاب. ربنا إنك جامع الناس يوم القيامة، يوم لا شك فيه، فاغفر لنا ووفّقنا واهدنا، إنك لا تخلف الميعاد.
(٢) أصله الذي يرد إليه.
(٣) خفيات لا تتضح إلا بنظر دقيق.
(٤) ميل وانحراف عن الحق. [.....]
(٥) لا تملها عن الحق والهدى.