كانت سببا للشر والبعد عن الله، وعند ذلك تكون خطرا على صاحبها، أما إن كانت سببا في الخير، ولم تمنع صاحبها من القيام بواجباته الدينية والخيرية والإنسانية، فتكون خيرا له، وعند الله حسن المرجع والمآب.
ثم نبّه القرآن الكريم إلى ما هو خير من الدنيا، فقال الله تعالى:
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٥ الى ١٧]
قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (١٥) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧)
«١»
«٢»
[آل عمران: ٣/ ١٥- ١٧]. فالذي هو خير من الدنيا وزينتها هو ما عند الله للمتقين الأبرار من الجنات التي تجري من تحت أشجارها وغرفها الأنهار، ماكثين فيها على الدوام أبدا، لا يرغبون في بديل عنها، ولهم زوجات طاهرات من دنس الفواحش والشوائب، وهذا هو الجزاء المادي، وهناك جزاء روحي أرفع منه وهو رضوان الله على عباده الأتقياء، وهو أكبر وأعظم من كل نعمة، قال الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢) [التوبة: ٩/ ٧٢].
وهذا الجزاء المادي والروحي هو للمتقين الله حقيقة الذين يقولون: ربنا إننا آمنا بك وبرسلك وكتبك إيمانا حقيقيا صادقا يملأ قلوبنا، فاغفر لنا ذنوبنا، وقنا عذاب النار. وهؤلاء المؤمنون الأتقياء صابرون على تقوى الله وعلى قضاء الله وعلى كل مكروه، وقانتون خاشعون لله متضرعون إليه، ومنفقون أموالهم في سبيل الله ندبا ووجوبا، ومستغفرون الله بالأسحار أي قبل طلوع الفجر، وفي هذا الوقت يكون
(٢) الاستغفار: طلب المغفرة من الله تعالى، والأسحار أواخر الليل إلى طلوع الفجر.