وحفاظا على تماسك الأسرة، وتقوية للصلات فيما بين أفرادها، وإبقاء للمحبة والوداد، والتعاون والتآلف، وامتصاص النقمة والحسد من النفوس البشرية، أوصى القرآن الكريم عند حضور قسمة التركات إعطاء الأقارب غير الوارثين واليتامى والمساكين شيئا من مال التركة ولو قليلا، ويسترضى هؤلاء الأقارب ويقال لهم قول حسن، ويعتذر إليهم اعتذارا جميلا يهدّئ النفوس، ويستل الضغائن والأحقاد، ويمنع الحزازات ونشوء العداوات أو استمرارها، وظهور الانتقادات وتردد الألسنة في التعييب والطعن، والترفع عن البخل والشح، والمخاطب المطالب بتنفيذ هذا الأمر والأدب القرآني هم الورثة أو المحتضرون الذين يقسمون أموالهم بالوصية. وإعطاء هؤلاء الأصناف الثلاثة من التركة، وهم القرابة غير الوارثين والأيتام والمساكين نوع من الأدب غير الواجب شرعا، ولكنه أمر محبب مرغب فيه، وفيه خير ومصلحة.
والقول الحسن المعروف الذي يقال لهم: هو كل ما يؤنس به من دعاء أو عدة أو اعتذار لطيف أو غير ذلك.
وذكّر الله تعالى أولئك الأولياء أو الأوصياء في معاملة اليتامى بأمر جميل يهز المشاعر والنفوس للبعد عن القسوة على اليتيم، وهو أن هؤلاء الكبار الأوصياء مفارقون أولادهم، وربما تركوا ذرية ضعفاء صغارا يخافون على مصالحهم، فليتقوا الله في أيتام الآخرين، كما يحبون أن يتقي الله في أيتامهم أوصياء غيرهم، وليقولوا لهم قولا حسنا سديدا طيبا يجبر خواطرهم، ويمنع الضر عنهم، ويتفق مع آداب الدين وأخلاق الصالحين، بكل ما يحسن إليهم ويسر قلوبهم، ويعوضهم حنان الأب المتوفى، فكل أولياء الأيتام مطالبون بالإحسان إلى الأيتام، وسداد القول لهم، وإحسان معاملتهم ومعاشرتهم، وتقوى الله في أكل أموالهم كما يخافون تماما على ذريتهم أن يفعل بهم خلاف ذلك.


الصفحة التالية
Icon