ولم يمتثل علماء بني إسرائيل لأمر الله بالإيمان بالقرآن، وكانوا يأمرون غيرهم بالصدقة والثبات على الإسلام، ودين محمد- فإنه حق-، وينسون أنفسهم، فلامهم الله، وحذّرهم وعلّمهم أن يستعينوا على أنفسهم الأمارة بالسوء وشياطينهم بالصبر والصلاة، فإنهما جلاء القلوب والأرواح، وأمرهم باتّقاء مخاطر يوم القيامة، حيث لا تقبل شفاعة شافع، ولا فداء من أحد ولا هم ينصرون. قال الله تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ «١» وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ «٢» وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ «٣» إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ «٤» أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ «٥» (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي «٦» نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ «٧» وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) [البقرة: ٢/ ٤٤- ٤٨]
بعض قبائح اليهود وجزاؤهم
لقد أنصف القرآن الكريم أهل الكتاب، فأثاب أهل الإيمان والعمل الصالح منهم، وبشّرهم بأنهم لا خوف عليهم أبدا، ولا هم يحزنون في الدنيا والآخرة، فقال الله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) [البقرة: ٢/ ٦٢].
نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي وأشراف قومه الذين آمنوا بالله واليوم الآخر، وآمنوا بالقرآن وبالنّبي محمد صلّى الله عليه وسلم، وفي مقابل الثناء على مؤمني أهل الكتاب،
(٢) هذا خطاب لأهل الكتاب، وهو مع ذلك أدب لجميع العباد.
(٣) لشاقة ثقيلة.
(٤) يعلمون.
(٥) أي عالمي زمانهم في الماضي. [.....]
(٦) لا تؤدي نفس.
(٧) فدية.