وجوب طاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
أرسل الله الرسل والأنبياء لإسعاد البشرية، وإنقاذ الناس من الظلمات إلى النور، وتصحيح العقيدة، والإرشاد إلى الفضائل الكريمة والأخلاق القويمة، ولتحقيق الاستقرار والأمن وإشاعة المحبة والمودة بين الناس، وانتزاع الأحقاد، والقضاء على المنازعات والخصومات، ولئلا يحتج أحد يوم القيامة بأنه لم يكن يعلم الحق من الباطل، والخير من الشر، والعبادة الصحيحة المرضية لله تعالى من العبادة الباطلة أو الفاسدة، قال الله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٦٥) [النساء: ٤/ ١٦٥].
وإرسال الرسل من أجل هذه الغايات والمصالح الكبرى يتطلب وجوب طاعتهم فيما أمروا به، وترك كل ما نهوا عنه، علما بأنهم لا يأمرون إلا بخير، ولا يمنعون إلا من شر، وإذا حدث خصام أو نزاع في حال حياة رسول، وجب الاحتكام إليه، وتنفيذ حكمه لأنه لا يحكم إلا بالحق والعدل، وبعد وفاة أي رسول يجب الاحتكام إلى الشرع الذي تركه والكتاب الذي علّمه للناس. لذا قال الله تعالى مبينا وجوب طاعة النبي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ووجوب الاحتكام إليه وإلى قرآنه وسنته من بعد وفاته:
[سورة النساء (٤) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥)
«١» «٢» [النساء: ٤/ ٦٤- ٦٥].
نزلت هذه الآيات فيمن أراد التحاكم إلى الطاغوت: كعب بن الأشرف، ونزلت أيضا في رجل خاصم الزبير بن العوام في السقي بماء الحرّة (ماء السيل)
فقال لهما
(٢) ضيقا ومشقة.