موالاة غير المؤمنين
أوجب القرآن الكريم التعاون بين أبناء أمة الإيمان وحدهم، والاعتماد على أنفسهم، وإشاعة الثقة والمناصرة فيما بينهم، وتكوين أمة واحدة قوية متعاضدة متآزرة في السّراء والضّراء، لها شخصيتها المستقلة، وكيانها الذاتي المتين لأن تكامل الأمة يقتضي الاحتفاظ بأسرارها، ومنع تسرّبها إلى أعدائها، وبناء وجودها بناء حصينا يمنع اختراقه وتمكين الآخرين من إضعافه، قال الله تعالى:
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥١ الى ٥٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [المائدة: ٥/ ٥١- ٥٣].
نزلت هذه الآيات في شأن رجلين أحدهما- عبادة بن الصامت الذي تبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وتولى الله ورسوله، والثاني- عبد الله بن أبي زعيم المنافقين الذي أصرّ على موالاة يهود قائلا: إني رجل أخاف الدوائر.
نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآيات الشريفات عن اتّخاذ اليهود والنّصارى أولياء في النّصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والمعاضدة. فإياكم أيها المؤمنون أن تتحالفوا معهم، أو تسرّوا إليهم بأسراركم، ولا تطمئنّوا إلى صداقتهم ومحبّتهم أو موادتهم، إذ لن يخلصوا أو ينفّذوا العهد لكم، فبعضهم أولياء أو أنصار بعض، ومن يناصرهم أو يعينهم أو يستنصر بهم، فإنه في الحقيقة من جملتهم وكأنه مثلهم، وليس من صف
(٢) نتعرض لنوائب الدهر.
(٣) بنصر رسوله.
(٤) آكد أيمانهم.
(٥) بطلت.