أقسموا بالله وحلفوا الأيمان المغلّظة المؤكّدة: إنهم معكم، وإنهم مناصروكم على أعدائكم، ثم انكشفوا على حقيقتهم، وتبينت عداوتهم كما قال الله تعالى:
وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) [التّوبة: ٩/ ٥٦].
أي إنهم جماعة خائفون يظهرون الإسلام تقية أو مناورة أو سياسة، لا حقيقة. ثم يضيف المؤمنون قائلين: هؤلاء المنافقون بطلت أعمالهم، التي يؤدّونها نفاقا من صلاة وصيام وحج وجهاد، فخسروا بذلك الدنيا، والأجر والثواب في الآخرة.
وهكذا الزمن كفيل بإظهار الأمور على حقيقتها، فلا بد من أن ينهزم أهل الشّر والباطل، وينتصر أهل الحق وجند الإيمان بعد الاستعداد الصحيح والتفافهم مع بعضهم، وإعزاز إيمانهم ودينهم كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣) [الصّافّات: ٣٧/ ١٧١- ١٧٣].
تهديد المرتدّين
إن الثّبات على الحق والإيمان بالله تعالى مهما حدث من الحوادث والكوارث هو شأن المؤمن العاقل، الصحيح العقيدة، فلا يتزحزح عن إيمانه مهما اختلفت المصالح، أو تعرّض للإغراءات والمصائب، ويظل ثابتا على العهد والدين كأنه الجبل الأشمّ والصخرة العاتية. أما ضعاف الإيمان، والانهزاميون والمتذبذبون الجبناء، فهم الذين لا يصمدون للمحنة أو الأزمة، وتراهم سريعي التّبدل والتّحول من ساحة الإيمان إلى بؤرة الكفرة ومستنقع الشيطان وأعوانه.
لذا هدّد المرتدّين بأنهم لن يضرّوا إلا أنفسهم، فقال الله تعالى:
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٤ الى ٥٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦)


الصفحة التالية
Icon