واتّقوا الله ربّكم وخافوا من عذاب يوم القيامة، بسبب تحريف التوراة، والتكذيب برسالة النّبي صلّى الله عليه وسلم، ذلك اليوم الذي لا تؤدي نفس عن نفس شيئا من الحقوق التي لزمتها، فلا تؤاخذ بذنب نفس أخرى، ولا تدفع عنها شيئا، ولا يؤخذ منها فدية لتنجو من النار، ولا تنفعها شفاعة أحد ولا نصرة ناصر.
خصائص البيت الحرام وتكريم أهله
رغّب القرآن الكريم قبيلة قريش وغيرها من أهل الكتاب بالإيمان برسالة النّبي صلّى الله عليه وسلم، وزجرهم عن الكفر والعصيان، ببيان فضائل البيت الحرام حيث جعله الله مثابة للناس (أي مرجعا ومآبا لهم) وقت الحج يجتمعون فيه ويتفرقون عنه، وجعله الله آمنا مطمئنا، من دخله كان آمنا، ويتخطف الناس من حوله، وأمر الله المسلمين أمر ندب لا وجوب باتخاذ مكان إقامة إبراهيم مصلّى مفضّلا على غيره في الصلاة لشرفه بقيام إبراهيم فيه. وأمر سبحانه إبراهيم وإسماعيل بتطهير البيت من الأوثان والأدناس والأرجاس لمن يطوف به، ويقيم عنده، ويركع فيه ويسجد.
ودعا إبراهيم ربّه أن يجعل مكة البلد الحرام في أمن وطمأنينة، وأن يرزق أهله أطيب الثمرات وأحسن خيرات الأرض، وخصّ إبراهيم طلب الرزق بالمؤمنين، فأجابه الرّب تعالى بأنه أيضا يرزق الكافر ويمتعه زمنا قليلا، ثم يلجئه إلى عذاب النار، قال الله تعالى مكافئا بالإمامة إبراهيم الذي كلفه بأداء تكاليف أدّاها خير أداء، ومبيّنا ما دعا لأهل مكة:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٤ الى ١٢٦]
وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)
«١» «٢» «٣» «٤»
(٢) بأوامر ونواه.
(٣) أداهنّ على وجه الكمال.
(٤) مرجعا وملجأ.