على نبيّه محمد صلّى الله عليه وسلّم، للدلالة على عظيم قدرة الله تعالى، فلا يكن أيها النّبي وكل عالم بعده ضيق ومشقة من الإنذار به وتبليغه للناس، وتذكير أهل الإيمان به ذكرى تنفعهم وتؤثر فيهم. وفي هذا إثبات للوحدانية والبعث، والنّبوة والوحي.
وبما أن هذا القرآن العظيم ذو مهام خطيرة، فاتبعوا أيها الناس جميع ما فيه مما أنزل إليكم من ربكم مربيكم وخالقكم ومدبر أموركم، والمشرع لكم الحلال والحرام، والعبادة والأحكام، ولا تتبعوا من دون الله أعوانا ونصراء، كأنفسكم أو الشياطين التي توسوس لكم ما فيه الضّرر والضّلال، والشّر والفساد، والإيهام بأن الأصنام شركاء ذات تأثير عند الله، مع أنها إما جمادات صماء لا نفع فيها، وإما مخلوقون أو مخلوقات عاجزة عن جلب الخير لنفسها أو دفع الضّرر عنها، فمن ألّهما أو عبدها وقع في الضّلال والانحراف عن حكم الله إلى حكم الشيطان والأهواء، ولكنكم تتذكرون قليلا، وتنسون الواجب عليكم نحو ربّكم، كما قال تعالى: وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) [يوسف: ١٢/ ١٠٣].
وضمانا وتأييدا لوجوب امتثال أحكام الله، هدّد الحق تعالى العباد بالعقاب الشديد على المخالفة والعصيان، من أمثال عقوبات الأمم السابقة، وما جرى على المثيل يجري على مثله. يذكر الله تعالى أن كثيرا من القرى التي أرسل إليها الرّسل مبشّرين ومنذرين، عصوا رسلهم، وخالفوا أمرهم، وكذبوهم، فجاءهم العذاب أو الهلاك مرة ليلا كقوم لوط، ومرة نهارا كقوم شعيب، أتاهم العذاب فجأة وقت القيلولة وسط النهار، وهم غافلون لاهون، كما قال الله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ «١» فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (٩٩) [الأعراف: ٧/ ٩٧- ٩٩].