رسالة نوح عليه السّلام لقومه
كان رسل الله الكرام المثل الأعلى لحبّ الإنسانيّة والإنسان، فكان كل رسول يدعو قومه إلى سلوك طرق الهداية والسعادة بتوحيد الله واتّباع شرعه، لإنقاذهم من الضّلالة إلى الهدى، ومن الانحراف إلى الاستقامة، ومع ذلك كان القوم يقابلون الإحسان بالإساءة، والمعروف بالإعراض والإنكار، والجحود والعداوة، وأما الرسول فكان يصبر على الأذى والطّرد، وفي مقدمة هؤلاء الرّسل نوح عليه السّلام، قال الله تعالى:
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٩ الى ٦٤]
لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣)
فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤)
«١» «٢» [الأعراف: ٧/ ٥٩- ٦٤].
أقسم الله تبارك وتعالى أنه أرسل نوحا إلى قومه لإنذارهم، ودعوتهم إلى توحيد الله وعبادته دون سواه، قائلا لهم: توجّهوا بعبادتكم إلى الله وحده لا شريك له لأنه ليس لكم إله غير الله، تتجهون إليه بالعبادة والدّعاء وطلب الخير، إني أخشى عليكم بسبب الشّرك والوثنية عذاب يوم عظيم من عذاب يوم القيامة إذا لقيتم الله، أو من عذاب الدنيا وهو الطّوفان.
قال الملأ من قومه أي أشرافهم وقادتهم ورؤساؤهم: إنا لنراك في دعوتك إيانا إلى ترك عبادة الأصنام لفي غمرة من الضلال تحيط بك، وهكذا حال الفجّار يرون

(١) السّادة والأشراف.
(٢) عمي القلوب عن الحق.


الصفحة التالية
Icon