الضعفاء، ويكفر بهم القادة والزعماء. فقال المستضعفون المؤمنون: إننا مؤمنون مصدّقون بما أرسل به صالح من ربّه. قال أشراف القوم المستكبرون: إننا كافرون بما آمنتم به، ولم يصرّحوا بالرسالة التي جاء بها صالح، حتى لا يقرّوا بها ظاهرا.
وأظهروا أفعالهم المكفرة، فعقروا الناقة بتواطؤ بينهم، وعقرها قدار بن سالف الأحمر الأزرق أشقى ثمود، وتمرّدوا واستكبروا عن امتثال أمر ربّهم الذي أمرهم به صالح، وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا به من العذاب إن كنت رسولا من عند الله، فأخذتهم الرجفة أو الصيحة أو الصاعقة أو الطاغية وهي صيحة شديدة القوة، اضطربت الأرض من هولها وتصدّعت مبانيها، وارتجفت لها الأفئدة، فأصبحوا في ديارهم موتى جثثا هامدة لا حراك لها.
فأعرض عنهم صالح عليه السّلام بعد أن أبصرهم جاثمين، يملأ قلبه الحزن والتّحسر على ما أصابهم، وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربّي وبذلت غاية جهدي في نصحكم، ولكنكم لا تحبّون النّاصحين، فوجب لكم العذاب، وحقّ عليكم العقاب. وهذا تقريع لهم على تمرّدهم ليكون ذلك عبرة لغيرهم.
رسالة لوط عليه السّلام إلى قومه
لم يترك الله تعالى قوما أو أمة من غير رسول ينذرهم ويبشّرهم: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ [فاطر: ٣٥/ ٢٤] لذا أرسل الله تعالى لوطا عليه السّلام في عصر إبراهيم عليه السّلام، لإنذار أمة تسمى سدوم قرب البحر الميت أو بحر لوط، ومن أجل استئصال المفاسد والمنكرات التي شاعت فيهم، قال الله تعالى:
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٠ الى ٨٤]
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)