شيء، كما قال تعالى في آية أخرى: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ [الشّعراء: ٢٦/ ١٦٦] أي في جمعكم إلى الشّرك والوثنية هذه الفاحشة. وفي آية ثالثة: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [النّمل: ٢٧/ ٥٥] وهذا دليل على إسرافهم في اللذات، وتجاوزهم حدود الفطرة والعقل، وجهالتهم عواقب الأمور، فهم لا يقدرون ضرر ذلك على الصحة والحياة، فهو مرض مميت، كما دلّت إحصاءات موتى الإيدز (فقد المناعة) في الحاضر أكثر من مائة ألف، وفي نهاية القرن العشرين أربعة ملايين، دون اكتشاف علاج له.
وما كان جواب القوم على إنكار لوط عليه السّلام ونصحه لهم يدلّ على النّدم والرجوع عن الخطأ والضّلال وإنكار الفاحشة وتعظيم أمرها، وإنما هموا بإخراج لوط ونفيه ومن معه من المؤمنين تضجّرا منهم ومن سماع مواعظهم قائلين: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ أي أخرجوا لوطا وأتباعه من البلد، فإنهم أناس يتنزهون عن مشاركتكم في فعلكم وعن الفواحش وعن أدبار الرجال والنساء. وهذا صادر منهم على سبيل السخرية بهم والتّهكم، والافتخار بما كانوا فيه من القذارة.
وكانت العاقبة أن الله تعالى نجّى لوطا وأهل بيته الذين آمنوا معه، إلا امرأته، فإنها لم تؤمن، فكانت من جماعة الهالكين الباقين مع قومها في العذاب ولأنها كانت على دين قومها الوثني، تمالئهم عليه، وتخون لوطا بإعلامهم بمن يقدم عليه من الضيوف بإشارات بينها وبينهم.
والعذاب هو إمطارهم بمطر كثير عجيب أمره وهو الحجارة التي رموا بها، فانظر أيها السامع كيف كان عاقبة الذين أجرموا واجترؤوا على معاصي الله عزّ وجلّ، وتكذيب رسله، وكل ذلك للعظة والعبرة، قال تعالى في آية أخرى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) [هود: ١١/ ٨٢- ٨٣].


الصفحة التالية
Icon