خروجهم لمعركة بدر الكبرى على كراهية وتردد، لكن الله تعالى أعلم بما يريد، فهو الذي يهيئ الأسباب، ويدبر الأمور، وما على المؤمنين إلا الامتثال ومجاهدة النفس وتخطي حاجز الخوف أو الوهم. وصف الله حالة المؤمنين في الخروج إلى غزوة بدر بقوله:
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٥ الى ٨]
كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨)
«١» «٢» [الأنفال: ٨/ ٥- ٨].
سبب النزول فيما
رواه ابن أبي حاتم وغيره عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن بالمدينة، وبلغه أن عير «٣» أبي سفيان قد أقبلت: ما ترون فيها، لعل الله يغنمناها ويسلّمنا؟ فخرجنا فسرنا يوما أو يومين، فقال: ما ترون فيهم؟ فقلنا: يا رسول الله، ما لنا طاقة بقتال القوم، إنما خرجنا للعير، فقال المقداد: لا تقولوا كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون، فأنزل الله: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ
والمعنى: إن كراهية بعض الصحابة لحكم الأنفال وإن رضوا به، مثل كراهيتهم لخروجك أيها النبي من بيتك بالحق إلى القتال في بدر، فهم رضوا بحكم الأنفال على كره، كما رضوا بخروجك للقتال في بدر على كره أيضا. أي إن بعض صحابتك كانوا كارهين للأمرين معا: قسمة الغنائم أو الأنفال، والخروج للقتال في بدر. وكانت
(٢) آخرهم.
(٣) العير: الإبل التي تحمل الميرة. [.....]