لا يغني عنكم شيئا، فعليكم أن تؤثروا ثواب ربكم، بمراعاة شرعه ودينه في الأموال والأولاد، وألا تحملكم على توريط أنفسكم في مخاطر الخيانة وأضرارها.
والعاصم لكم من الوقوع في المضار والمخاطر هو تقوى الله، أي اتباع أوامره، واجتناب نواهيه، ثم وعد الله المؤمنين بشرط الاتقاء وإطاعة الله، فإن تتقوا الله، يؤتكم فرقانا، أي فرقا بين حقكم وباطل من ينازعكم أي بالنصرة والتأييد عليهم، وإن تتقوا الله يمح عنكم ذنوبكم وسيئاتكم السابقة، ويسترها عن الناس، ويطهركم من الآثام والخطايا، ويؤتكم الثواب الجزيل، والله صاحب الفضل الواسع والعطاء العظيم، وما أكثر الأوامر القرآنية بالتقوى، فهذه الآية مثل آية أخرى هي: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) [الحديد: ٥٧/ ٢٨].
كيد المشركين في مكة للنبي صلّى الله عليه وسلّم
لم يترك المشركون القرشيون نوعا من الأذى إلا ألحقوه بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن أشد وأخطر ألوان الأذى تلك المؤامرة الخطيرة التي أجمعوا عليها في اجتماع قريش في دار الندوة بمحضر إبليس في صورة شيخ نجدي، على ما نص ابن إسحاق في سيرته وهي اتفاقهم على قتل الرسول عليه الصلاة والسلام على يد زمرة من مختلف القبائل العربية، وصف الله لنا هذه المكائد والمؤامرات بقوله سبحانه:
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)
«١» «٢»

(١) المكر: المخاتلة والتداهي والتآمر.
(٢) أي يحبسوك بالقيد حتى لا تتحرك.


الصفحة التالية
Icon