الله مالا، فلم يؤد زكاته، مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع «١»، له زبيبتان «٢» يطوّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه «٣»، ثم يقول له: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا:
سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آل عمران: ٣/ ١٨٠].
والخلاصة: إن من أعظم الجرائم الاجتماعية أكل أموال الناس بالباطل كالرشاوى والغصوبات وخيانة الأمانات، والصدّ عن دين الله الحق المتمثل في القرآن، واكتناز المال أو ادخاره وحبسه من غير إنفاق ولا أداء زكاة عنه.
تلاعب العرب بالأشهر
إذا كان الناس يسيرون في دروب حياتهم بمقتضى أهوائهم وشهواتهم، وبمحض عقولهم وآرائهم الشاذة، فلا يستغرب عنهم الوقوع في غرائب الأفكار، والخروج عن الأعراف العامة، وهذا ما أوقع ذوي العقلية البدائية في الجاهلية العربية في مهاوي الانحراف والعبث بالقيم الإنسانية، بل تغيير حركة الزمان ونظامه، وهذا هو النسيء في الجاهلية أي تأخير حرمة الأشهر الحرم إلى وقت آخر حسبما يروق لهم وينسجم مع مصالحهم في الاستمرار في الحروب ودوام الاقتتال والمنازعات، لذا شنع القرآن الكريم على أولئك العابثين بنظام الشهور في قول الله تعالى:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٣٧)
«٤» «٥»
(٢) نقطتان منتفختان في شدقيه.
(٣) أي شدقيه.
(٤) النسيء: تأخير حرمة شهر إلى آخر.
(٥) ليوافقوا.