التحريض على الجهاد ومعجزة الهجرة
لا يمكن لأمة الدعوة الإسلامية إلى العالم قاطبة أن تتخلى عن اتخاذ كل أسباب القوة والعزة، ولا أن تترك الجهاد في سبيل الله لأنها بسبب نشر دعوة الإسلام بين الناس لا بد أن يتعرض فيها الدعاة المؤمنون وأمتهم التي تساندهم للاعتداء والصد عن سبيل الله، والكيد والقمع والطرد والقتل، فتحتاج هذه الأمة لدفع الظلم ورد العدوان، لذا حرّض القرآن الكريم على الجهاد الخالص لله تعالى، وأعلم المؤمنين أن الله ينصر عباده المستضعفين المعتدى عليهم، كما نصر الله نبيه في ليلة الهجرة حين اختبأ مع صاحبه أبي بكر في غار جبل ثور، فقال الله تعالى:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠)
«١» «٢» [التوبة: ٩/ ٣٨- ٤٠].
لا خلاف في أن هذه الآيات نزلت عتابا على تخلف من تخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، في السنة التاسعة من الهجرة بعد الفتح (فتح مكة) بعام واحد، غزا فيها الروم في عشرين ألفا بين راكب وراجل، وتخلف عنه قبائل من الناس منهم مؤمنون ومنهم منافقون، وقد اشترك مع الروم قبائل عربية متنصرة من لخم وجذام وغيرهم، حيث جهزوا جيشا كثيفا من أربعين ألفا لغزو المدينة.
(٢) تباطأتم وأخلدتم.