وأظهر أنهم قوم يبطنون غير ما يظهرون، والله تعالى لهم بالمرصاد، يعاقبهم في الدنيا والآخرة.
تخوف المنافقين من نزول القرآن فاضحا لهم
إن إحسان المنافقين بنفاقهم هو الذي جعلهم يحذرون من نزول آيات قرآنية تتلى في حقهم، تكشف أمرهم، وتهتك سترهم، وتعلن للملأ حقيقة أمرهم، وهذا الإحسان في محله، وقد وقع ما كانوا يتخوفون منه، فنزلت الآيات التالية:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦٤ الى ٦٦]
يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٦٥) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)
«١» [التوبة: ٩/ ٦٤- ٦٦].
نزلت آية وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ..- فيما
أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عمر- قال: قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك في مجلس يوما: ما رأينا مثل قرآن هؤلاء، ولا أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء!! فقال له رجل: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبلغ ذلك رسول الله، ونزل القرآن.
وسمي الرجل في رواية أخرى: عبد الله بن أبي، أو وديعة بن ثابت، وهذا هو الأصح، لأن عبد الله لم يشهد تبوك.
هذه الآيات تخبر عن حال قلوب هؤلاء المنافقين، فهم يحذرون أن تتلى سورة في شأنهم، وهل تنزل آيات فيهم أو لا؟ فذلك معتقدهم الظاهر من الآية، فرد الله

(١) نتلهى بالحديث.


الصفحة التالية
Icon