المنافقون فلا ولاية بينهم ولا شفاعة لهم، ولا يدعو بعضهم لبعض، وجزاؤهم نيران جهنم.
وهكذا شأن القرآن يذكر المتقابلات والأضداد، للعبرة والعظة، وإظهار الفروق، لاختيار الإنسان ما فيه المصلحة، وتجنب ما فيه المضرة والمفسدة، وليعلم المؤمنون أنهم يسيرون في طريق الهدى والرشاد، وأن المنافقين غير مؤمنين في الحقيقة، وهم سائرون في طريق الغواية والضلال.
تبين الآيات أن أهل الإيمان من الذكور والإناث متناصرون متعاضدون على الخير والمعروف والفضيلة وتقدم المجتمع، متآزرون في المواقف الصعبة كالهجرة والجهاد، الرجال يعتصمون بالعفة وغض البصر، والنساء يلتزمن الأدب الجم والحشمة والحياء والتعفف وغض البصر وقوة الحديث وستر اللباس وحسن العمل. الجميع يرتبطون برابطة الأخوة والإيمان، وتسودهم المحبة والمودة والتراحم والتعاطف، على عكس المنافقين الذين لا رابطة تجمعهم، ولا عقيدة تؤلف بينهم، وإنما هم أتباع بعضهم بعضا في الشك والجبن والبخل والانهزام والتردد.
المؤمنون نقيض المنافقين يأمرون بالمعروف الذي أقره الشرع وهو عبادة الله وتوحيده وتوابع ذلك، لا بالمنكر الذي نهى عنه الشرع، وينهون عن المنكر الذي يفسد ويضر، ويمزق ويفرق بين الأخ وأخيه وهو عبادة الأوثان وتوابعها، ويقيمون الصلوات الخمس المفروضة على الوجه الأكمل بقلوب خاشعة، وعقول واعية، وأفئدة ذاكرة، ويؤتون الزكاة الواجبة مع التطوع بالصدقات والنوافل لتحسين أوضاع المجتمع وترقية أحواله، ويطيعون الله ورسوله في جميع المأمورات والمندوبات، أولئك الموصوفون بهذه الصفات الجليلة ستغمرهم رحمة الله وفضله في الدنيا والآخرة. والتعبير بالسين في قوله تعالى: سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إعداد النفوس