[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٩ الى ٨٠]
الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٩) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٨٠)«١» »
[التوبة: ٩/ ٧٩- ٨٠].
سبب نزول الآية: هو ما روى البخاري ومسلم عن أبي مسعود البدري قال: لما نزلت آية الصدقة، كنا نحامل على ظهورنا «٣»، فجاء رجل (هو أبو عقيل واسمه الحبحاب) بشيء كثير، فقالوا: مرائي، فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا، فنزل قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ.. الآية، أي يعيبونهم.
هذا لون من ألوان طبائع المنافقين وأعمالهم القبيحة، وهو لمزهم (أي عيبهم) المتطوعين الذين يأتون بالصدقات طوعا واختيارا. وهو موقف غريب يدل على تأصل النفاق في قلوبهم، وأنه لا يرجى منهم الخير أبدا. فهم لا يكتفون بالامتناع عن الإنفاق في سبيل الله، بل ويعيبون من ينفق من المسلمين المتطوعين بسخاء في الصدقات، بل والذين يبذلون أقصى جهدهم، فلا يجدون عندهم ما ينفقونه في سبيل الله إلا القليل، وتراهم لا همّ لهم إلا الطعن والهزء والسخرية، فيهزءون من جميع المتطوعين في الصدقات بالقدر القليل أو الكثير، وخصص الله تعالى المقلّين بعد المكثرين، من قبيل عطف الخاص على العام لأن السخرية منهم كانت أشد وأوقع.
فكان جزاؤهم المحقق أن الله جازاهم على سخريتهم وهزئهم بمثل ذنبهم، حيث صاروا إلى النار، وتعرضوا للعذاب المؤلم الشديد الإيلام. وعبّر الحق تعالى عن ذلك بقوله: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وهذا من قبيل ما يسمى في اللغة العربية
(١) المنافقون الذين يعيبون.
(٢) طاقتهم.
(٣) أي نستأجر في الأعمال، ونحمل الأحمال على ظهورنا بالأجرة، ونتصدق منها أو بها.
(٢) طاقتهم.
(٣) أي نستأجر في الأعمال، ونحمل الأحمال على ظهورنا بالأجرة، ونتصدق منها أو بها.