«١» «٢» [هود: ١١/ ٧٧- ٨٣].
قدم وفد الملائكة إلى بلد لوط، بعد ما أعلموا إبراهيم بهلاك قوم لوط في ليلة قريبة، وكانوا في أجمل صورة بهيئة شباب حسان الوجوه، ابتلاء من الله، فساء لوطا عليه السلام مجيئهم، وضاقت نفسه بسببهم لأنه خاف عليهم شذوذ قومه الجنسي، وخبثهم، وعجزه عن مقاومتهم، وقال: هذا يوم عصيب، أي شديد البلاء والشر، مشيرا إلى ما كان يتخوفه من تعدي قومه على أضيافه، واحتياجه إلى المدافعة، مع ضعفه عنها.
وجاء قوم لوط حينما سمعوا بقدوم الضيوف، بإخبار امرأته إياهم، مسرعين مهرولين من فرحهم بذلك، لارتكاب الفاحشة معهم، وكانوا قبل مجيئهم يعملون السيئات، ويرتكبون الفواحش، وشهد عليهم لوط بقوله: أشهد بالله لهم شر قوم في الأرض، وعدّدت آية أخرى جرائمهم: أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) [العنكبوت: ٢٩/ ٢٩].
فقام لوط إليهم مدافعا وقال: هؤُلاءِ بَناتِي أي بنات القوم ونساؤهم جملة، إذ نبي القوم أب لهم، والنبي للأمة بمنزلة الوالد. وهن أكرم وأطهر لكم، أي تحت طلبكم وأحلّ لكم. وأَطْهَرُ هنا ليس على سبيل المفاضلة، وليس معناها أن إتيان الرجال شيء طاهر، وكذلك مثل قولنا: أحمر، وأسود، أي ذو حمرة، وسواد.
فاخشوا الله، وخافوه، وأقبلوا ما آمركم به من التمتع بالنساء دون الرجال بعقد الزواج، ولا تفضحوني أو لا تخجلوني في ضيوفي، فإن إهانتهم إهانة لي، أليس منكم رجل ذو رشد وحكمة وعقل وخير، يرشد إلى الطرق القويم.
(٢) لها علامة خاصة عند ربك.